صديقى العزيز................................. سامحنى

صديقي العزيز .......سامحني

منذ مدة وأنا أتهرب من نفسي... من ذكراك... من أي شئ يذكرني بك...
حاولت قتل ذكراك بقتل الروح في دواخلي... حاولت العيش جسدا دون روح حتى لا تذكرني روحي بأن نصفها مفقود... حاولت كل شئ

ولأول مرة امتلك الجرأة لأمسك بقلمي لأكتب عن أجمل ذكرياتي معك التي اختطفها القدر مني...

كنت أول صديق لي فأنت ابن خالتي وفي نفس سني ونملك الكثير من الصفات والاهتمامات المشتركة التي جعلت صداقتنا من أجمل الصداقات

حينها لم أكن املك أي صديق أو صديقة سواك
فقد كنت أنت معي في كل حين
ندرس في نفس المدرسة
نسكن في منزلين متجاورين
نجلس مع بعضنا طوال الوقت

عوضتني عن كل شئ فقد كنت أخي وصديقي ومستشاري وسندي
عشت كل أيام سعادتي معك
كان أجمل مافي صداقتنا الحب الأخوي المتبادل والثقة اللامتناهية والوفاء الذي لا حدود له
لم أكن ابغي من دنياي سوى أن نظل أصدقاء طول العمر

ثم انتقلت وأهلي للسكن في حي آخر
ودخل كل منا جامعة أخرى
ولكن الصداقة لا تعرف البعد أو المسافات
فقد كنا نلتقي كل يوم..
ونتحدث عبر الهاتف طوال اليوم...نضحك ...نتسامر
نحكي يومنا الجامعي كله من أوله إلى أخره بأدق تفاصيله
أصبحت اعرف كل أصدقائك
وأنت تعرف كل صديقاتي..أساتذتي...زملائي...حتى عم احمد صاحب الكافتريا ...كل شئ كل شئ
وفي ذلك اليوم اتصلت بي لتخبرني أنكم ذاهبون في رحلة وانك تريدني أن اذهب معكم... اعتذرت لأني لا أحب الرحلات وفي الغالب لا اذهب إلا مع أهلي.. كما أن امتحاناتي على الأبواب...

أغلقت الهاتف ووعدتني بأنك ستحكي لي كل ما سيحدث بتفاصيله المملة... وقد كنا نتحدث طول الطريق عبر الرسائل القصيرة... وتحكي لي عن مناظر الطريق.. وأين وصلتم وماذا قال فلان...وماذا فعل فلان ... كنت كأنني اجلس معكم في نفس الحافلة
وعندما وصلتم ودعتني على وعد بأنك ستروي لي كل التفاصيل عندما تعود للمنزل

وبينما أنا جالسة على مكتبي اراجع دروسي فقد كانت امتحانات الصف الأول قد اقتربت...يرن جرس هاتفي وإذا هي نغمتك... استغربت!!! هل يمكن أن تكون قد وصلت إلى المنزل بهذه السرعة...رددت على الهاتف وإذا هو احد أصدقائك... صوته متغير ويطلب محادثة أي شخص اكبر سنا ... أبي أمي أي شخص
صرخت لماذا ماذا هناك؟؟؟ لكنه رفض ألا ينطق إلا لشخص اكبر سنا

ذهبت بالهاتف إلى أمي وأعطيتها إياه... وخرجت وكأني كنت اعلم أن الصاعقة آتية عبر سماعة الهاتف... لم أقف لأعلم لماذا يريدها.. ولا لأي شئ ... لم اعرف لحظتها ماذا أصابني خرجت وجلست على كرسي بالخارج لم اعرف كيف وصلت إليه؟؟ ولا لماذا جلست هناك؟؟ ولا في ماذا كنت أفكر؟؟ وأثناء ذلك بدأ يصل الى مسمعي صوت بكاء مكبوت

دخلت الى امي واذا بها قد سقط الهاتف من يدها... وهي جالسة على الارض تحاول أن تتصنع الجلد... وعيناها تذرفان سيولا من الدموع وصوتها مخنوق... تحاول أن لا تصرخ ولكنها تأن أنين المتألم وكان كل جزء فيها يتقطع قطعة

لم استطع أن اسالها ما بها؟؟ خفت من الاجابة وقفت مكاني ... تسمرت...
والدموع تذرف من عيني دون ان اصدر صوتا ً علمت ان مكروها قد اصابك ولكني لم ارغب ان اعلم ماهو؟؟

بعدها لم اعلم ماذا حدث ولا كيف اخبرتني امي ولا كيف اخبرت عائلتك؟؟
ولا كيف ولا اين كان العزاء؟؟ ولا شئ ولا شئ وكاني قد مررت بحالة فقدان ذاكرة مؤقته
لا اذكر شيئا ولكنهم اخبروني اني كنت جالسة طوال اليوم في مصلاي ادعو الله ان يرحمك منذ اول ثانية احضروك فيها ليكفنوك الى ان فقدت وعيي

سامحني... اذا لم ابكي عليك صوتا ولم آخذ عزاءك من احد ولكنك تعلم ان الدموع التي كانت تذرفها عيوني سيولا وهي صامتة كان يذرفها قلبي دماءا تنوح وتصرخ في كل ارجاء روحي

سامحني... اذا لم اودعك بعد ان كفنوك واخرجوك وارادوا الذهاب بك لدفنك... فانت لم تمت بالنسبة لي... ومازلت كل يوم احكي لك يومي الدراسي... مازلت ارسل الرسائل القصيرة الى هاتفك رغم علمي بانه لم يعد موجودا ... ومازلت في انتظار ان تأتي لتحكي لي عن الرحلة وكل تفاصيلها المملة...

اعلم بان هذا كله محال... واعلم ان الموت حق علينا جميعا واؤمن بقضاء الله وقدره... ولكن ماذا افعل في روحي التي لم تستطع العيش بنصف روح فقد كنت نصفها الثاني

آآآآآآآآآآآآآه لقد مرت بي الآن كل ذكرياتي الرائعة معك وكانها مسجلة على احد الاشرطة
ذكريات جميلة لا ينغص صفوها الا ذكرى موتك

سامحني... الآن ساعترف بموتك ليس لانك مت في قلبي ولكن لاسمح لروحك ان ترقد بسلام دون ان ازعجها كل يوم طالبة منها التحدث معي...

اخي ... صديقي ... تؤم روحي ... لا اقول لك وداعا ولكن الى لقاء قريب في جنات النعيم... لقاء قريب في حساب الوجود ...بعيد في حساب السنين...